
بجانب تأثيرات أزمة وباء كوفيد-19 العالمي على قطاع الرعاية الصحية في مختلف الدول والاقتصاد العالمي، هناك أبعاد أخرى لهذه الأزمة وهي تأثيرها المحتمل على العلاقات الاجتماعية والتفاعل بين أفراد المجتمع على المدى الطويل، وخلال هذه الأزمة العالمية يجب أن يعمل الجميع على الحفاظ على المعنويات العالية والسلامة الصحية والنفسية والمرونة قدر المستطاع، وتشير الأبحاث إلى تنمية مهارات المرونة والتكييف تتكون من مجموعة سلوكيات وتغيير في نمط التفكير والأفعال التي يمكن تعلمها وممارستها، وهي بمثابة استخدام التمارين الرياضية المتخصصة لتقوية عضلات الجسم، وفي مثل هذه الأوقات المرونة العقلية تعني القدرة على التأقلم مع الظروف الصعبة أو الغير متوقعة وتخطيها دون عواقب نفسية على المدى الطويل.
وهناك بعض النقاط الأساسية التي تساعد على تجاوز مثل هذه الأزمات منها الحفاظ على التواصل مع الأهل والأصدقاء والزملاء، وبالرغم من ضرورة الالتزام بنهج التباعد الاجتماعي لدعم جهود احتواء انتشار فيروس كوفيد-19، إلا أنه لا يزال بإمكاننا الحفاظ على تواصلنا مع المقربين باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة للتخفيف من آثار العزلة الاجتماعية الحالية والتي قد تؤثر سلباً على صحة ورفاهية الأفراد، كما أن دعم المقربين يمثًل أهمية كبيرة لتعزيز قدرتنا على تجاوز الأزمات والتأقلم والمرونة مع تأثيرها المحتمل على نمط حياتنا، ومن السهل الحفاظ على التواصل مع الآخرين قدر الإمكان حالياً من خلال المحادثات الطويلة مع الأصدقاء والعائلة، ومشاركة أنشطة افتراضية (عبر الإنترنت) معهم، كما يمكن الانضمام عبر الإنترنت إلى مجموعات الدعم المتخصصة في مختلف أنحاء الدول.
كما يلعب الحفاظ على الإيجابية والتفاؤل دوراً هاماً في تخطى الأزمات أو الظروف الغير متوقعة والسلبية، حيث أن معظم الناس عند حدوث أزمة ما يقومون بتفسيرها وإتخاذ رد فعل إيجابي أو سلبي تجاه الموقف، ولكن إتباع نهج وطريقة تفكير تتسم بالتفاؤل قد يساهم بشكل كبير في تجاوزها دون ضغوط نفسية، وفي ظل أزمة فيروس كوفيد-19 الحالية يجب التفكير في الموقف على أنه أزمة سوف يتجاوزها العالم ولكن من الخطأ التفكير باستمرار في تأثيرها السلبي على كل مجال في حياتنا، حيث يمكن تعزيز القدرة على دوام التفاؤل ورؤية المواقف من منظور بناء.
وهناك بعض الخطوات البسيطة التي تساهم في تعزيز التفاؤل والإيجابية، مثل تجنب قدر المستطاع الشعور بالتوتر والقلق مع التركيز على العوامل الإيجابية وتعزيزها، كما أن الحفاظ على قدر كافي من النوم يومياً وتناول الأطعمة الصحية والمغذية وممارسة الرياضية مثل اليوجا وعدم متابعة الأخبار السلبية أو الغير صحيحة طوال اليوم، كلها من العوامل التي تساعد على رفع الروح المعنوية والتغلب على الأفكار السلبية خلال الأزمة الحالية.
كما أن السعى لوضع أهداف وإنجازات يمكن تحقيقها أثناء البقاء في المنزل سواء كانت بسيطة أو هامة مثل القراءة أو تعلم مهارة جديدة عبر الإنترنت أو تخصيص وقت للمناقشات وتبادل الأفكار البناءة والإيجابية مع الأصدقاء والعائلة عبر الإنترنت، كما هناك ضرورة للحفاظ على نمط يومي مثل الاستيقاط في وقت مبكر صباحا وليكن نفس الوقت المعتاد للذهاب إلى العمل والإعداد لجدول أنشطة يومية وخاصة في حال العمل من المنزل، مع مراعاة الحصول على فترات استراحة من العمل خلال اليوم مثل المعتادة في مكان العمل وإنجاز باقي الأنشطة اليومية الاعتيادية فيما عدا الخروج من المنزل إلا في حال الضرورة، كل ذلك يساهم بشكل فعال في تحسين الحالة المزاجية وتشيت الانتباه والتوقف عن التفكير في مسببات التوتر وتخفيض الضغط وإعادته إلى مستوياته الطبيعة، كما تشير الأبحاث في علم النفس إلى أن القيام ببعض السلوكيات الإيجابية مثل التركيز على الجوانب الجيدة في حياتنا والشعور بالامتنان حتى لوجود الأشياء البسيطة وقدرتنا على الاستمتاع بها، يساهم بشكل كبير في زيادة الشعور بالرضا الداخلي ويعزز الأمل ويزيد من الرغبة في تجاوز الأوقات الصعبة والأزمات.
أن الحجر الصحي المفروض في العديد من الدول حول العالم بسبب جائحة فيروس كورونا، قد يتسبب بمشاكل نفسية للعديد من الأشخاص وخاصة بالنسبة للذين يفشلون في التعاطي بشكل إيجابي مع هذا الظرف، وعلى الرغم من ذلك يمكن تبني نظرة إيجابية تجاه قضاء هذا الوقت في المنزل واعتباره بمثابة فرصة لاعتماد أسلوب حياة صحي للنوم بشكل جيد وتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة قدر الإمكان وتجنب العادات غير الصحية مثل التدخين، بالإضافة إلى استمرار التواصل مع الآخرين عبر الإنترنت وتبادل الأفكار الإيجابية والملهمة معهم لرفع الروح المعنوية وتجنب التوتر والقلق.