بقلم “جيشانكار ك. نايار”، رئيس قسم الخدمات في مجموعة محمد حارب العتيبة
أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة، 5 نوفمبر 2025: تتطور توقعات العملاء في دولة الإمارات بشكل متسارع، خصوصًا فيما يتعلق بخدمات ما بعد البيع. فبعد أن كانت هذه الخدمات يُنظر إليها سابقًا كجزء محدود من عمليات الصيانة والإصلاح، أصبحت اليوم عنصرًا أساسيًا في تجربة العميل، تؤثر في قرارات الشراء بقدر ما تؤثر فيها الأسعار أو جودة الأداء.
وقد أدّى الطلب المتزايد على الأجهزة المنزلية عالية الكفاءة والموفرة للطاقة خلال السنوات الأخيرة إلى خلق متطلبات جديدة أمام شبكات الخدمة. وتشير دراسات سوقية مستقلة إلى أن حجم قطاع الأجهزة المنزلية في الدولة مرشح لبلوغ نحو 18 مليار درهم بحلول عام 2028، فيما تُقدّر قيمة خدمات الصيانة وما بعد البيع بأكثر من 1.2 مليار درهم سنويًا. وتدّل هذه الأرقام على توجه واضح نحو الاستثمار في الاعتمادية وطول العمر التشغيلي والملاءمة.

وهذا التحول يدفع الشركات إلى إعادة التفكير في الطريقة التي تُقدَّم بها الخدمة. فالنماذج المركزية التقليدية، التي تعتمد على منشآت بعيدة عن مواقع العملاء، تتراجع تدريجيًا أمام شبكات محلية تُصمَّم لتقديم خدمة أسرع وأكثر قربًا. ويُجسّد مركز “هوم وايد” الجديد في منطقة المصفح بأبوظبي هذا التوجه؛ إذ أصبح بإمكان الفرق الفنية تشخيص الأعطال ومعالجتها بالقرب من أماكن إقامة العملاء، مما يقلل من فترات الانتظار ويعزز جودة التواصل وكفاءة الخدمة.
ولا تقتصر فوائد اللامركزية على تحسين سرعة الاستجابة، بل تمتد إلى آثار بيئية واقتصادية ملموسة. فالإصلاح السريع باستخدام قطع غيار أصلية يُـطيل عمر الأجهزة، ويحد من النفايات الإلكترونية، ويدعم أهداف الاستدامة المنزلية والمؤسسية. كما يعزز هذا النهج ثقة العملاء من خلال ضمان الالتزام بالضمانات وتحقيق أعلى معايير الشفافية والمساءلة.
وتبرز للامركزية أيضًا أبعاد اجتماعية واقتصادية مهمة، إذ تسهم المراكز الإقليمية الجديدة في خلق فرص عمل فنية متخصصة، وتوفير برامج تدريب وتطوير مهني، ودعم جهود التوطين من خلال تأهيل كوادر وطنية للعمل في مجالات خدمات ما بعد البيع.
إن ما يتبلور اليوم في سوق الخدمات هو نموذج جديد يقوم على القرب المكاني إلى جانب الاعتماد على التكنولوجيا. ففي عصر يتوقع فيه العملاء حلولًا فورية وتجارب سلسة، قد تصبح القدرة على تقديم الخدمة محليًا معيارًا رئيسيًا في بناء السمعة المؤسسية والتميز التنافسي.
والرسالة الأوضح أمام الشركات هي أن التميز في الأسواق الديناميكية لم يعد يُقاس بحجم ما تبيعه من منتجات، بل بمدى التزامها بخدمة هذه المنتجات، والوقوف خلفها بكفاءة ومسؤولية.










